الهالوين: من طقوس السلتيك إلى عالمية التنكر
يحتفل الملايين حول العالم سنوياً بعيد الهالوين في 31 أكتوبر، حيث يتبارون في ارتداء الأزياء التنكرية وتزيين المنازل بمظاهر مرعبة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذا الاحتفال يعود إلى جذور تاريخية ضاربة في القدم، مرتبطة بشعب السلتيك القديم. فكيف تحول الهالوين من طقس ديني إلى ظاهرة عالمية؟
أصول الهالوين: طقوس السلتيك واحتفال “سامهاين”
بدأ الهالوين كاحتفال سلتيكي قديم يُعرف باسم “سامهاين” (Samhain)، والذي كان يُقام في نهاية فصل الحصاد وبداية الشتاء. اعتقد السلتيك أن الحد الفاصل بين عالم الأحياء والأموات يضعف في هذه الليلة، مما يسمح للأرواح بالعبور. ولتجنب أذى هذه الأرواح، أشعلوا النيران وارتدوا أزياءً مخيفة لإبعادها.
مع انتشار المسيحية، دمج الرومان هذا الاحتفال مع عيد “كل القديسين” (All Saints’ Day)، وأصبحت الليلة التي تسبقه تُعرف باسم “أول هالو إيفين” (All Hallows’ Eve)، ثم اختُصرت لاحقاً إلى “هالوين”.
تطور الهالوين في العصور الوسطى
خلال العصور الوسطى، ظهرت تقاليد جديدة مرتبطة بالهالوين في أوروبا، مثل “لفائف الروح” (Souling)، حيث كان الفقراء يطرقون أبواب المنازل ويقدمون الصلوات لأهل الموتى مقابل الحصول على كعك الروح (Soul Cakes). كما ارتبط الهالوين ببعض الطقوس الزراعية مثل تقشير التفاح لمعرفة مستقبل العلاقات العاطفية.

انتشار الهالوين في أمريكا والعالم
حمل المهاجرون الأيرلنديون والاسكتلنديون تقاليد الهالوين إلى أمريكا في القرن التاسع عشر، حيث تطورت مظاهره لتصبح أكثر بهجة وتنوعاً. انتشرت عادة “التريك أور تريت” (Trick or Treat) – أي “خدعة أم حلوى” – حيث يطرق الأطفال الأبواب طلباً للحلوى، بينما تزيّن المنازل باليقطين المنحوت على شكل وجوه مخيفة، والمعروف باسم “جاك أو فانترن”.
وساهمت هوليوود والأفلام السينمائية في تعميم الهالوين، مثل فيلم “Halloween” (1978)، مما جعله مناسبة تجارية تدر مليارات الدولارات سنوياً من بيع الأزياء والحلوى والديكورات.
الهالوين في الثقافات المختلفة
تطورت احتفالات الهالوين حول العالم لتأخذ أشكالاً محلية مميزة:
- في المكسيك: يختلط مع عيد “يوم الموتى” (Día de los Muertos) الذي يتميز بالألوان الزاهية والهياكل العظمية المبهجة.
- في اليابان: تحول إلى مهرجان للأزياء الكوزبلاي (Cosplay) مع مسيرات ضخمة في طوكيو.
- في المملكة المتحدة: ما زال بعض الناس يحتفظون بتقاليد مثل نحت اللفت بدلاً من اليقطين.

الجانب الاقتصادي للهالوين
أصبح الهالوين أحد أكثر الأعيال ربحية في العالم حيث:
- ينفق الأمريكيون لوحدهم أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً على الاحتفالات.
- تبيع المتاجر ملايين الأزياء والحلوى والديكورات المرعبة.
- تقيم المدن الكبرى مهرجانات ضخمة تجذب السياح من كل أنحاء العالم.
الهالوين اليوم: بين الثقافة والانتقادات
أصبح الهالوين ظاهرة عالمية، لكنه يواجه بعض الانتقادات بسبب:
- الجذور الوثنية التي تتعارض مع بعض المعتقدات الدينية.
- التجاوزات السلوكية من بعض المشاركين في بعض البلدان.
- التأثير على البيئة بسبب النفايات البلاستيكية الناتجة عن الأزياء والديكورات.
ومع ذلك، يرى الكثيرون أنه مناسبة للترفيه والتعبير عن الإبداع بعيداً عن أي دلالات دينية.
يمكنك الاطلاع على [أعياد ثقافية حول العالم] لمزيد من النصائح والأفكار القيمة
خاتمة
من طقس سلتيكي قديم إلى احتفال عالمي، نجح الهالوين في تجاوز حدوده الجغرافية والثقافية ليصبح حدثاً سنوياً ينتظره الصغار والكبار. ورغم اختلاف وجهات النظر حوله، إلا أنه يظل فرصة للمتعة والتنكر، مما يجعله أحد أكثر الأعيال شعبية في العصر الحديث.